إبراهيم عربي يكتب …(كباشي في الجبال)… نقطة سطر جديد “١”
بقلم : إبراهيم عربي
بلا شك سيظل الأمن سيد الموقف وهو مسؤولية الجميع ، ويظل مطلبا أساسيا وذو أولوية وأهمية في ولاية جنوب كردفان (ارض الجبال) ، والتي يزورها عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي المشرف علي ولايات كردفان الكبري ، غدا الأحد الخامس من فبراير الجاري 2023 ولمدة (6) أيام علي رأس وفد مركزي رفيع ، وتشمل الزيارة محليات (كادقلي ، الدلنج ، القوز، قدير، التضامن) .
فالأمن في جنوب كردفان مأساة كبري ، وقد ظلت تعيش ظروفا إستثنائية منذ (12) عاما تقريبا دون غيرها في حرب تجاوزت المألوف فأصبحت عبثية تتقاطع عندها المصالح والأجندات الخفية ، بيما أصبحت بذاتها مسرحا لعصابات النهب المسلح وقطاع الطرق من قبل الطرفين ، ولازال الجيش يمدد حبال الصبر وضبط النفس حفاظا علي إتفاق وقف العدائيات غير المكتوب بين الحكومة والحلو ..!.
شاهدت ومثلي آخرين مقطعي فيديو الأول إنتشر سريعا لأحد القيادات المحلية بجنوب كردفان يكيل فيه السباب والشتائم ويوزع الإتهامات للوالي موسي جبر ولجنة أمن الولاية التي كانت ترافقه لمنطقة حجر جواد وهم يتململون غيظا وجبر يقول بحكمته التي نعلمها مقدما المزيد من التنازلات دعوه ..! وكأنه أراد أن يقول من فش غبينتو خرب مدينتو ..!، وقالها الرجل من قبل أنه يتألم حد البكاء وكأنه يسير في حقل من (الضريساء) ويحسبه الآخر إنه متأسيا بغزل الأعشي (يمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل ..!) ، لكنها حقا كانت لحظات ضرورية والحكمة مهمة في مثل هذه الحالة لإمتصاص الغضب الذي تفجر إزاء تلكم الأحداث في كادقلي وحجر جواد وغيرها من مناطق الولاية المختلفة .
أما مقطع الفيديو الآخر وقد وصلني للتو ، وكان الوالي جبر يرد فيه بقوة لدحض الإفتراءات لذات الموقف الأول ليفرض هيبة الدولة وبسط سلطة القانون رادا بقوة الإعتبار للقوات النظامية متوعدا بفرض قرارات تعزز الأمن ولذلك جاء إعلان حالة الطوارئ بجميع محليات جنوب كردفان لمدة شهر .
ولكن جميعها ليست غريبة علي موسي جبر الذي طالته كاتيوشا الحلو وهو معتمدا مكلفا لكادقلي عقب إندلاع الحرب في الولاية ، ولم تتوقف عليها بل إعتدت قوات الحركة علي الشركة الصينية (ساين هايدرو) بالعباسية تقلي وعطلت العمل في الطريق الدائري (البعاتي) تماما كما عطلت سير تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية ، توقفت جميعها بسبب الحرب ولا زالت جدلية الأمن والتنمية تراوح مكانها في جنوب كردفان ..!.
علي كل لازالت الذاكرة تختزن مأساة هجليج في العام 2012 وكيف أصبحت تحت سيطرت الجيش الشعبي (الذراع العسكري للحركة الشعبية) تساندها قوات الجبهة الثورية التي تمددت فاحتلت لاحقا أبو كرشولا ووصلت حتي أم روابة وكانت جنوب كردفان وقتها ولاية مركبة (جنوب وغرب كردفان) .
سألت حينها الجنرال أحمد خميس بخيت (نسأل الله له الشفاء العاجل ونشكر سعادتو كباشي لتبني علاجه) ، سألت الجنرال خميس (جاموس) عقب مؤتمر صحفي وكان وقتها نائبا للوالي أحمد هارون ، أكد فيه أن خطتهم الأمنية قد إكتملت للترتيب لزيارة الرئيس البشير لكادوقلي ، فسألته هل خطتكم محكمة ..؟! وما كنت متوقعا أن السؤال بهذا الشكل يثير حفيظة العسكريين لأصبح طالبا في محاضرة عن الأمن ..! .
فالإحساس بالأمن هو حالة نفسية تبعث علي الطمأنينة ، والأمن حالة نسبية فمجرد طلقة يمكنها خلق حالة من الإخلال بالأمن ولذلك لا يجب أن يكون الأمن فزاغة لمعاقبة أهالي الجبال مرتين ، ولكن لا اعتقد أن جنوب كردفان علي إستعداد لتفويت هذه الفرصة التنموية الخدمية التي توفرت لهم من بعد كدر ويجب ألا يلدغوا من ذات الجحر مرتين ..!.
نواصل …
الرادار .. السبت الرابع من فبراير 2023 .