الأستاذ الصحفي إيهاب مادبو يكتب…عن الفقيدة راوية ضلمان كباشي
نحن ندرك ان ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﺣﻲ ﻭﻻ ﻳﺘﻔﺮﺩ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ
وقديما قال الشاعر كمال الدين بن البيه فى الموت راثيا صديقه على بن الخليفة الناصري
الناس للموت كخيل الطراد
فالسابق السابق منها الجواد
والموت نقاد، على كفه
جواهر يختار منها الجياد
والدنيا حينما سئل عنها حكيم أجاب باختصار
الدنيا سنين بلاء وسنين رخاء
يولد مولود ويهلك هالك
لولا المولود لباد الخلق
ولولا الهالك لضاقت الارض
شقَّ علي نعيها وهى التى شكلت حضورا فاعلا فى المدينة التى احببتها ومنحتها رحيق كلماتها وعميق إحساسها ,, فاجأنى موتها كما فاجأتنى آخر كلمات كتبتها على حائطها بالفيس بوك فسألتها عن دلالتها فأجابت بان الدنيا قد ضاقت مساحاتها واختلط كل شي ,, الكراهية بالحب والليل بالنهار والقبح بالجمال وماعادت للأنسانية قيم وأخلاق ..
رواية ضلمان كباشي Rawia Dolman لم تكن زميلة وحسب وانما هى جزءا مهم من تاريخ شكلنا معالمه وطريق مشينا على دروبه وقد كانت بموهبتها فى التمثيل ان تتوج اميرة المسرح ضمن مهرجان الثقافة منتصف التسعينات حيث كانت النجمة الألمع فى مسرحية (موجو وخريف الرماد) من تأليف وإخراج الراحل يوسف البدوى حمد صاحب نص قصيدة (البرجوكى)
كنا ثلاثتنا نتسكع فى دروب المدينة التى تصحو مع صوت العصافير وتعكر صفو لياليها ازيز المدافع وصوت الطلقات ,, كنا هكذا نتسامر حتى تتوسد القمرة كبد السماء ثم نلملم حكاوينا على طول الطريق نحو حى الموظفين الشرقي بكادقلى على أمل ان نلتقي فى الصباح الباكر لنعيد الشخبطة على جدار الامنيات
وكانت راوية بيننا عصفورة تحلق فوق النافورة وترك فى اغصان الحب والخير والجمال لتمنحنا يقينا من الأمل وضوءا من الفرح وحبا للحياة والإنسانية , كانت مجتهدة فى مهنة الإعلام التى احببتها خصوصا برامج الاطفال التى ابدعت فيها عبر صوت المحبة والسلام بإذاعة كادقلى
راوية ضلمان هى من اقترحت لإدارة البرامج حينذاك تغيير صوت إذاعة كادقلى من (نداء الجهاد) الى المحبة والسلام فأقترن الإسم بالمعنى
هنا كادقلى صوت المحبة والسلام
لتحول موجة الحرب نحو الحب والسلام بصوت عميق ينبض حبا بالحياة وقناعة بأهمية استثمار المخزون الثقافي لإنسان المنطقة فى محاربة خطاب الكراهية والعنصرية
ماتت راوية ضلمان بعد ان توقف قلبها الذي لم يحتمل كل ذلك الرهق والعناء والعبث فتوقف عن النبض معلنا عن رحيل مبدعة شقت عصا الإحباط والفشل لتحقق النجاح والإبداع
كانت رواية رهان المنابر و(المايك) وهى تستلهم قول الشاعر درويش
وانا البلاد وقد اتت تتقمصنى
وانا الذهاب المستمر الى البلاد