الصراع والقتال القبلي الخطر القادم لتفتيت السودان

مداد الغبش
عبد الوهاب أزرق

العنصرية و العصبية و الإثنية والعشائرية والجهوية وكل المترادفات النتنة المشتقة من القبلية التي نخرت في جسد الإنسان السوداني و تجذرت في دواخل الكثيرين ، مردها إلي هشاشة التركيبة الإجتماعية والنفسية السودانية في التعاطي مع الأحداث والواقفة على أرضية لزجة سرعان ما تنزلق للإقتتال بسبب و إختلاف حول أرض أو مورد أو ثأر قديم ، وقد يكون لعدم قبول الآخر من منطلقات عدائية ، لجهة الشحن الزائد في مجتمع تجرفه الأمية والجهل و معظمه تنقصه المدنية والتحضر ، ويتعامل بردود أفعال صادمة في أحداث تتطلب التروي والتؤدد وصولا لحل ، إلا أن الإحتشاد والإستقطاب و غياب الحكمة والتعقل أفضت إلي نتائج كارثية ، و إنتقام مجتمعي هد كل سنوات التعايش السلمي ومتلازمات الاخاء و الجيرة ، والملح والملاح في لقاوة بغرب كردفان ، و قرى ود الماحي بالنيل الأزرق.

حرب و خروقات ، نزاع و اقتتال ونزوح ، مآسي وضياع ، تشرد و دمار ، سلاح منتشر وحرائق ، موت و نهب ، تكاد تكون حرب أهلية شاملة تشد أطراف السودان لتحقيق مبتغى تفتيت السودان عبر الاصطفاف القبلي و مناطقي يدحرج السودان إلي الهاوية .

لقاوة الآمنة التي تماسكت ، وتوحدت و رفضت الحرب في قمة تجددها في أحداث ٢٠١١م بين الحكومة والحركة الشعبية “الكتمة” ، تحترق الآن في قمة قطف ثمار إتفاق سلام جوبا الذي عين بموجبه نائب للوالي بغرب كردفان في تناقص يحير فلاسفة السياسة والمحللين .
والنيل الأزرق التي تغيرت إلي إقليم ، تغيرت ملامحها المجتمعية و صار القتال القبلي أقوى و خسائره الدموية والمادية أكثر مما من الصراع بين الحكومة والحركة الشعبية وقتذاك .

الصراع والقتال القبلي إذا لم يُحجم بتدخلات حاسمة من الدولة ، ووضع برامج وخطط ومشروعات وطنية تدعو للوحدة الوطنية ، وتفضي إلي نتائج ملموسة في التعايش سوف نتوقع واقعا غامضا ، ومستقبلا معتما ، و قابلا للإشتعال أكثر مع تزايد حدة الإستقطاب و الإستقطاب المضاد مع انتشار السلاح ، ونكون راوندا أخرى ، وما يحدث بقرى ود الماحي بإقليم النيل الأزرق ، وتناقلته الوسائط من صور هي مأساة إنسانية حقيقية ، وجرائم ضد الإنسانية والبشرية ، وما نشهده في لقاوة من موجات للنزوح البشري مع موسم الحصاد هي مؤامرة كبرى للتهجير .

الجميع في السودان حكومة و أجهزة أمنية وأحزاب منظمات المجتمع المدني والمواطنين يجب أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه الوطن ، ونعيش في تآخي وسلام ، و ما وصلنا إليه من تشرزم وفرقة وشتات هي محرقة ننقاد إليها ، دعونا ، أن نرضى ببعض ، و نقبل الآخر ، لا نعزف اللحن الذي يطرب جانب دون أخر ، دعونا نغنى بكورالية و تعدد الموسيقى يطرب الجميع ، و صوت آلة موسيقية واحد لن يكون قادرا على تطريب الجميع .

هل ما يحدث يبني وطنا ؟ لا جنوبي ولا غرابي ، ولا شمالي ولا شرقاوي يمكن أن يعيش وحده في أرض تتبادل فيها المنافع ، والسودان الدولة الوحيدة في العالم لم تستفد أو تستثمر التنوع الموجود ليكون قوة وثراء و وحدة وبناء ونهضة. إنما أصبح معول خصام وإنقسام وتنازع و جفوة ، دعونا نعمل للوطن بلا مآرب أخرى ومصالح شخصية و جهوية و مناطقية ، دعونا نكون وطنيين بحق وحقيقة ، همنا الوطن لا تفرقنا سياسة و لا نعرات ، لا مكاسب او نزوات ، لا حزب أو حركات ،
خبرونا عن بندقية وكراهية وحرائق و إقتتال بنى دولة ورسخ لقواعد نهضة حديثة ، طال الصراع أو قصر حتما نعيد الماضي ونكون سودانيين وإخوة .

السودان قادر أن ينهض بعزيمة أبناءه وصدق رجالاته ووطنية أحزابه واصطفاف الشعب خلف حكومته ، والوثوق في أجهزته الأمنية ، و التنادي بوحدة وثقة وأن نضع السودان هو الهدف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى