إبراهيم عربي يكتب..(إجتماع الكفلاء)… تحت الطاولة!

(إجتماع الكفلاء) … تحت الطاولة …!
بقلم : إبراهيم عربي
الإجتماع فشل قبل أن يلتئم بسبب الإستعجال وإرتجالية الدعوة وعدم التحضير الجيد له دون توافق علي تحديد دقيق للعناصر المشاركة فيه وبالتالي هنالك عدة سيناريوهات أدت للفشل .
ولكن ليس غريبا أن تفشل مثل هذه اللقاءات ، ولذلك جاء إجتماع شركاء الوثيقة الدستورية (المجمدة) برعاية الكفلاء (السعودية ، الإمارات ، بريطانيا ، أمريكا) فاشلا ومخيبا لآمال السفير الأمريكي الذي كان يمني نفسه بفرصة ذهبية للدخول للأزمة السودانية من العمق وبل خيب أمال السفير السعودي (الوكيل) صاحب الدعوة والتي جاءت بطلب أو مبادرة من حميدتي للبحث له عن دور جديد لكيفية الوصول إلى حل لإنهاء الأزمة السودانية بتسهيل من (الكفلاء) ..!.
بلا شك خابت آمال السفير الأمريكي الذي جاء مبكرا ومستعدا لضربة البداية للخوض في مشابك السياسة السودانية وبالطبع جاء صاحب الدعوة مبكرا أيضا فيما غاب سفيري الإمارات والمملكة المتحدة ، وهذا لوحده يؤكد تماما من هم مع الحياد نسبيا لأجل حل المشكلة السودانية ومن هم اصحاب الأجندات كباتن دفة القيادة من المقعد الخلفي ..!.
علي كل حضر مناوي باكرا ومعه رفيقيه كما حضر الدكتور جبريل إبراهيم ، وحضر الدكتور الهادي إدريس والطاهر حجر وشكل عقار غيابا لازال البحث عن الأسباب جاريا وربما بسبب عرمان وربما هنالك تسوية لتغييب الإثنين معا ، فيما حضر من قحت المركزي بابكر فيصل والذي تفاجأ بوجود عسكوري (حليف الأمس عدو اليوم) فتنحي جانبا وأجرى إتصالات مع من كانوا في الطريق الواثق البرير وطه عثمان وآخرين ودخل بابكر فيصل في نقاشات مع السفيرين بشكل حاد مفتعلا الأزمة ، ولكنها ساهمت جميعها في مآلات المشهد الأخير ..!.
وليس بعيدا عن ذلك فقد شكل غياب نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) صاحب المبادرة من الإجتماع إزعاجا لدي السفيرين ، إلا أن غياب حميدتي بذاته ليس بعيدا عن تباينات الرؤي وإختلافات وجهات النظر وسط المكون العسكري بشأن المشاركة في مثل هذه اللقاءات وبالتالي شكل المكون العسكري غيابا وكان حميدتي مترددا وأخيرا (لعب سياسة جحا ..!) .
ظاهريا أصبح مناوي حاكم إقليم دارفور شماعة الفشل لإصطحابه لكل من علي عسكوري والدكتور عمر عثمان من خارج شركاء السلام مخالفا بذلك شروط الحرية والتغيير (قحت) المركزي والتي إشترطت الجلوس مع العسكريين وشركاء السلام الموقعين علي إتفاق جوبا دون الآخرين وهذا ما رفضه مناوي بشدة وقال للسفير السعودي صاحب الدعوة إنه يمثل منظومة تحالفية جديدة (التوافق الوطني) وهو رئيس الإتصال والتواصل السياسي وأنه لن يحضر بدون مجموعته ولن يشارك دون علمهم وأكد مناوي إنه غير ملزم بإشتراطات قحت المركزي بشأن المشاركين ولذلك أصبحت سبوبة للفشل ..!.
ولكن في إعتقادي الفشل يجب أن تتحمله الحرية والتغيير (قحت) المجلس المركزي نفسها في المقام الأول بسبب خلافاتها والشكوك فيما بينهم وعدم إتفاقهم في ظل تهديدات البعض بالإنسلاخ بسبب المكاسب الذاتية وليست بشأن الجلوس مع (الإنقلابيين) كما يسمونهم (لزوم سواقة الخلا ..!) ولذلك جاءت التباينات أن يكون هذا اللقاء (غير رسمي) ويمثل من تمت دعوتهم أنفسهم فقط وبالتالي طغت عليهم سياسة (إما نحن فيها أو نطفيها) ، وبالطبع تلكم النظرة القاصرة بسبب المكاسب الذاتية كفيلة بأن لا يتفق هؤلاء علي المصلحة العامة وبالتالي حدث ماحدث ..!.
الواقع أن هنالك إجتماعات عديدة تمت خلال الفترة الماضية (تحت الطاولة) مابين (العسكريين وقحت (أ) وقحت (ب)) فيما عرف بشركاء الوثيقة الدستورية فكانت لقاءات تمهيدية (ثلاثية) تمت تسميتها مجازا (غير رسمية) شارك فيها كل من ياسر عرمان ممثلا للحرية والتغيير قحت المركزي ، ومناوي ممثلا لمجموعة التوافق الوطني، والجنرال عبد الرحيم دقلو ممثلا للمكون العسكري ، بغية الوصول لتفاهمات للعودة للشراكة من جديد بأسس جديدة ، تمت فيها مناقشة الكثير من القضايا ويقال إنها قطعت شوطًأ متقدما من حيث مناقشة الموضوعات في كيفية نأي المؤسسة العسكرية بنفسها عن السياسة ، ومناقشة وضعية القوى السياسية في الفترة الإنتقالية والدستور الحاكم للفترة الإنتقالية .
علي كل ظلت مخرجات هذه اللقاءات جميعها تحت الطاولة دون الكشف عن ما توصلت إليه الأطراف ، ربما بسبب الإنشقاقات والتحولات والتحالفات والتهديدات داخل قحت ، وربما بسبب محاولات بعضها المستمرة لشق صف المكون العسكري وخلق تحالف جديدة بينها والدعم السريع ، وبعضها متمسكة بالعودة لما قبل 25 إكتوبر 2021 ، وربما بسبب تمسك البعض الآخر بالدستور الجديد المنبثق من ورشة نقابة المحامين ، ولكن الراجح عندي إنها فشلت بسبب التوددات وتمرير الباصات البينية (تحت الطاولة) ..!.
علي كل هنالك مياها كثيرة قد جرت تحت جسر الازمة السودانية، وبالتالي اعتقد أي محاولة لإنتاج ذات السيناريوهات القديمة لعودة قحت (4 طويلة) للمشهد من جديد تحت الشراكة الثلاثية لتصبح حاضنة وتكون لها الولاية لن يحدث ولن تجد قبولا ، لا سيما وأن هنالك تحالفات جديدة حدثت بالساحة السياسية السودانية ، وقد شهدت قحت المركزي نفسها عدة تحالفات وهيكلة جديدة مثل ما شهد شركاء السلام من إنشقاقات وتشكلات جديدة ، وقد دخلت عدة مبادرت وقد شكلت بذاتها واقعا جديدا لابد من وضعها في الإعتبار لأي حلول للمشكلة السودانية ..!.
ولكن من الواضح أن العسكريين أنفسهم غير متفقين فيما بينهم علي اللقاء مما أدخل حميدتي نفسه في حرج وكان الرجل منسق مع قحت لبلورة رؤي جديدة موحدة غير أن حضور عسكوري شريك قحت بالأمس كان بمثابة خميرة عكننة أدت لفشل اللقاء ظاهريا وكثيرها (تحت الطاولة) .
الرادار … الأحد الرابع من سبتمبر 2022 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى