إبراهيم عربي يكتب.. (فتوى قتل المتظاهرين).. العدالة بمكيالين…!

بقلم : إبراهيم عربي

فشلت المحكمة بعد (ستة) أشهر من المراوغة والتسويف والمماطلة والأعذار الواهية لمجرد إكتمال إفادة المتحري أمامها في قضية فتوي قتل المتظاهرين التي يحاكم فيها كل من الرئيس السابق للبلاد المشير عمر البشير ونائبه على عثمان محمد طه ، وأحمد هارون الرئيس السابق المكلف للمؤتمر الوطنى ، والفاتح عز الدين منصور رئيس البرلمان السابق ، وبل فشلت النيابة في العثور علي مجرد (تقني) لتشغيل الجهاز الإكتروني لعرض (السيديهات وأشرطة الفيديو) مكان الإتهام أمام المحكمة ..!!! .
وبالطبع سجل الشاكي ذات نفسه غيابا رغم أن هذه الجلسة إنعقدت بعد توقف دام حوالي الشهرين بسبب طعن النيابة في قرارات إجرائية أصدرتها المحكمة متعلقة بموضوعات (رفض المحكمة إعادة أوراق البلاغ للنيابة لإستكمال التحري في البلاغ المذكور ..!) .
من جانبها قامت النيابة بإستئنافها لدي محكمة الإستئناف ومن ثم المحكمة العليا ، وهي من بديهيات القانون والقاعدة الأصولية ، وإذ تعلمها النيابة تماما كما يعلمها راعي الضأن في الخلاء .. !! (من سعي لنقض غزل يديه فسعيه مردود عليه – وأخرى متعلقة بتقديم وتأخير إجراءات ترتيب سماع الدعوي) .
في إعتقادي أن ما حدث يؤكد أن المحاكمة أصلا تجري علي بلاغ القصد منه أشياء أخري بخلاف حكم القانون ، وبالرجوع للبلاغ فهو (بلاغ احتياطي) تم فتحه إبتداء كضمان لإبقاء المتهمين بالحراسة عقب صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم قانونية إستمرار بقاء المتهمين في الإعتقال ، والدليل علي ذلك أنه لم يتم تحريك البلاغ إلا بعد مضي عامين وأربعة أشهر من فتحه ، وإذ تم فتح البلاغ في الثالث من ديسمبر 2019 وتم إبلاغ المتهمين به ومحاولة إستجوابهم في 24 فبراير 2021 .
ولأن البلاغ إحتياطيا يظل يحرك عند الطلب ولذلك لم يتم القبض علي المتهمين بعد فتحه ، وإن كانوا مقبوضين فعلا لدي السلطات ، تتم إجراءات القبض الحكمي ويدون قيد بذلك في يومية التحري ، ولكن لم يكن ذلك الإجراء الذي تغافلت النيابة عنه بسبب عدم معرفة من النيابة ونسيانا منها ، بل كان قصدا منها لتفادي إحتساب مدة الحبس بالسجن طالما أن هناك بلاغات أخرى تؤدي ذات الدور ، لذلك آثرت النيابة عن عمد التغاضي عن ذلك ليكون كمينا منصوبا يتم تفعيله عند الحوجة لتكسب النيابة مدة حبس جديدة ، ولأن سلطة النيابة مقيدة بموجب القانون في إبقاء المتهم بالحراسة لمدة (ثلاثة) أيام ولها أن تطلب من القاضي تجديد حبس المتهم لمدد أخرى علي أن لا تتجاوز في جملتها (الستة) اشهر .
ولكن حسنا أن إنتبهت المحكمة لذلك الكمين وأبطلته عدالة منها وقضت في أول جلسة مثل فيها المتهمين أمامها بالقبض عليهم حكما وإسناد تاريخ القبض إلي تاريخ فتح البلاغ ، ولكن من الواضح أن النيابة عندما فوجئت بإنقضاء أسباب التجديد للمتهمين في البلاغات الأخرى عمدت إلي إحالة هذا البلاغ للمحكمة دون أن ترتب حالها بشكل كامل وهذا وحده يثبت طلبها من الجلسة الأولى للمحاكمة بطلب إعادة أوراق البلاغ للنيابة لإستكمال التحري ، ولكن هل يعقل أن تحيل النيابة بلاغا للمحكمة وقبل أن ينقضي أسبوع من تاريخ الإحالة ومن الجلسة الأولى تطالب بإعادته لها لتفعل فيه مافشلت في القيام به خلال (ثلاثة) أعوام .. ؟!.
علي كل فالعديد من الجلسات تم تأجيلها بسبب غياب النيابة أحيانا بصفتها ممثلة للإتهام وأحيانا أخري بصفتها متحري في البلاغ ، ومرات بإدعاء المرض في مشهد مؤسف شبيه بسلوك التلاميذ في حصة التسميع عندما (لايكونوا – حافظين) وبل مرات متعددة تؤكد عدم جاهزية أدلة الإتهام (سيديهات وأشرطة فيديو) والتي تبين قيام المتهمين وفي أوقات مختلفة وأماكن مختلفة بالإدلاء بأحاديث ربما تري النيابة إنها كانت تحريضا من المتهمين للقوات النظامية لقتل المتظاهرين والمعتصمين ..!.
علي كل أعادت المحكمة العليا ملف قضية قتل المتظاهرين أمام مولانا زهير بابكر عبد الرازق قاضى المحكمة العامة ، بمعهد العلوم القضائية بأركويت وستواصل المحكمة جلساتها الأربعاء القادم الموافق 21 سبتمبر الجارى ويتوقع أن يصدر القاضي عقب الجلسة تقريرا لرئيس القضاء بمناسبة إنقضاء (ستة) أشهر ولم تكتمل عمليات التحري ولازال المتهمين قيد الإعتقال بسجن كوبر .
بلاشك أضحت المحكمة الآن أمام مضي (ستة) أشهر منذ إحالة البلاغ لها والمتهمين لا زالوا بالحبس ولامناص أمامها إلا إحالة الأمر لرئيس الجهاز القضائي لكون المتهمين موجودين رهن الحبس ، ولامناص أمام النيابة سوي التسليم بنهاية ( قيم الحبس سمبلا) والتصالح مع حقيقة أن المتهمون يستحقون متابعة هذه البلاغ الهزلي من خارج أسوار السجن ، وبالطبع يظل السؤال قائما اين الذين تم تحريضهم وقاموا بقتل المتظاهرين والمعتصمين ..؟!، وأين أعمال لجنة مولانا أديب عن فض الاعتصام ..؟!.
وليس ذلك فحسب بل تكشف ملابسات هذه القضية إزدواجية معايير العدالة وخطل محاكمات رموز الإنقاذ وتؤكد إنها لم تكن إلا كيدا سياسيا في أيدي نشطاء ليست لهم صلة بالعدالة وحكم القانون ، وتؤكد بلاشك سياسة الكيل بمكيالين محليا وإقليميا ودوليا ، فلازال المتهمين من رموز الإنقاذ بالسجن لأكثر من (1260) يوما دون محاكمات وبل دون أن تكتمل عمليات التحري حتي الآن ..!، وذلك يؤكد أن كافة القضايا المرفوعة ضد رموز الإنقاذ غير متماسكة وغير مكتملة الأركان الأركان ، مما يؤكد تماما إنها قضايا سياسية وليست قانونية .
الرادار .. السبت 17 سبتمبر 2022 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى