إبراهيم عربي يكتب… (البرهان تكتيكات عسكرية سياسية…!

بقلم : إبراهيم عربي

للجيش إسترتيجيات وتكتيكات وخطط لا يدركها إلا أهل التخطيط العسكري أنفسهم ولذلك ظل وسيظل الرأي العام مشغولا ومندهشا بتكتيكات وداع وإستقبال رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة ومشاركته في مراسم تشييع ملكة بريطانيا أليزابيث الثانية ضمن العديد من ملوك وأمراء ورؤساء وقيادات العالم ، بدعوة رسمية من ملك بريطانيا تشارلز الثالث للبرهان بإسم أهل السودان بصفته رئيسا للدولة ..!، .
فلا زالت الأسافير تضج بصور وفيديوهات لعضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي مسؤول ملف ولايات كردفان ، في وداع الرئيس البرهان وقد بدا الرجلان أكثر إنسجاما وإطمئنانا ، حيث أثار ذلك غبارا كثيفا قال فيه الكهنة والعرافون والمنجمون كلاما كثيرا..! ، غير أن البرهان عاد بالأمس ليلا والمفاجأة كان في إستقباله هذه المرة الفريق مهندس بحري إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة ..!.
في الواقع ستظل هذه التكتيكات العسكرية – السياسية تشغل الساحة كثيرا ، فإذا كان الكباشي الثاني حسب التراتيبية العسكرية فليس هو الثاني برتكوليا بمجلس السيادة الإنتقالي ، وبالطبع ليس جابر هو الثالث ..! ، وبالتالي ستظل الأسئلة تراوح مكانها هكذا أين الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة (الرجل الثاني) وأين الفريق أول ركن ياسر العطا (الرجل الرابع) في مجلس السيادة الإنتقالي ..؟!.
في إعتقادي إنها رسائل عسكرية سياسية متعددة المقاصد والإتجاهات وقد صلت لأهدافها بنجاح ..!، لا سيما وأن صورة وداع الكباشي للبرهان ودرجة الإنسجام تلك قد وجدت تداولا كثيفا ، وبل وجدت إرتياحا ورضا وقبولا كبيرا وسط القوات المسلحة ولدي الشارع العام ، في ظل شكوك ومخاوف الشارع من تصرحات المستشار الجنرال أبوهاجة في وقت ظل يتخلع فيه السياسيون كثيرا من إنقلاب ليس بعيدا عن ساعة الصفر التي لوح بها الجنرال الحوري ..! .
لا أعتقد أن هذه التكتيكات العسكرية السياسية بعيدة أو تمت بمعزل عن الجنرال (حميدتي) مثلما ذهب البعض يضرب الطار ويصب المزيد من الزيت علي النار لإشعال نار الفتنة ، فالرجل كان بالأمس يمارس مهامه بمكتبه بالقصر الجمهوري نائبا لرئيس مجلس السيادة بصورة طبيعية بعد غيبة في عدة لقاءات دبلوماسية ، حيث التقي السفير المصري بالخرطوم حسام الدين عيسى ، وناقشا مجمل العلاقات الثنائية بين الخرطوم والقاهرة، وسبل تطوير أوجه التعاون المشترك بينهما في المجالات المختلفة ، تماما كما ترأس إجتماعا لمفوضية السلام يصفته مسؤول عن ملف السلام (مسار الجبهة الثورية) وقد ضم اللقاء الجهات المعنية ..!.
وبالطبع ليس الجنرال ياسر العطا بعيدا أيضا فقد إلتقي الرجل بمكتبه بالقصر السفير الكويتي بالخرطوم فهد مشاري الظفيري ، وتطرق اللقاء للعلاقات المتميزة التي تربط البلدين وسبل تعزيز التعاون المشترك ، وقدم السفير خطة لعدد من مشروعات التنمية والإستثمار ومشاريع التعاون الاقتصادي المشترك والتي تسعى دولة الكويت لتنفيذها بالتعاون مع السودان .
وبالتالي لا أعتقد تكليف الكباشي تم فرديا دون إجتماعات ومشاورات من قبل كبار رجالات الأمن والدفاع ، فالجنرال كباشي هو رجل الجيش القوي الأمين وهو إبن القوات المسلحة ومشهود له بمهنيته ووطنيته وقوميته ، قائد محبوب وسط الضباط وضباط الصف والجنود والمجتمع معا وتشهد له زيارات مشهودة لكسلا وبورتسودان والنيل الأزرق وكردفان وغيرها ، كما تشهد طاولات المفاوضات ، ولا يخفي علي المراقبين كيف هب الرجل إلي الفشقة دفاعا عنها عندما كاد السماسرة يبيعونها بحفنة من الدولارات من خلف أجندة ماكرة لأباطرة الماسونية في السودان ..!.
وبالتالي أعتقد أن تكليف الجنرال كباشي أملته تلكم المعطيات الموضوعية وأعتقد تمت بموافقة الجميع لأن يتسلم الفريق أول كباشي القيادة إلي حين ..!، وربما يتسلم الكباشي ذات التكليف وبذات التراتيبية في حال مغادرة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلي نيويورك أيضا بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة ليقدم خطاب السودان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هناك يوم الخميس المقبل ومن ثم سيتوجه إلي واشنطون يوم الجمعة للقاء مسؤولين كبار في حكومة الرئيس جو بايدن ، وربما لقاء آخر يجمع بايدن بالزعماء الافارقة بدعوة منه منتصف ديسمبر المقبل ..!.
في الواقع هذا يؤكد أن ما يحدث بالساحة السودانية تكتيكات سياسية عسكرية عالية المستوي ، وليست هنالك خلافات بين الدعم السريع والجيش وبالطبع ليست في مصلحة البلاد أن تحدث تلك الخلافات حسبما ظل يروج له البعض من تحت أجندة وتقاطعات مصالح خاصة تريد أن تدخل البلاد في دائرة الفوضي الخلاقة ..!.
علي كل فقد هزمت هذه التكتيكات السياسية العسكرية خطط أصحاب اللاءات الثلاثة ورفاقهم سماسرة الخارج الذين ظلوا يتشدقون دوما بأن البرهان إنقلابي لا يجب التعامل معه ..!، ولكن أعتقد الواقع يحتم المراجعة قبل التراجع لا سيما وأن مياها كثيرة قد جرت تحت الجسر فالبرهان رئيسا للدولة وفي مرحلة جديدة ..!.
الرادار … الثلاثاء 20 سبتمبر 2022 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى