دكتور خالد أحمد الحاج يكتب …(جرد حساب)
تحبير
د.خالد أحمد الحاج
جرد حساب
* حديثي هذه المرة ينصب حول التجربة الحزبية في السودان ما لها وما عليها عطفا على الأزمة التي ألقت بظلالها على المشهد والتي نتج عنها انسداد أفق سياسي ألقى بظلال سالبة على الأوضاع بصورة في البلاد بصورة عامة، وجعل المشهد السياسي ضبابيا بوجه خاص، من المقلق جدا أن تنتشر ظاهرة التفلت الأمني بهذه الصورة، هذا المظهر وضع الجميع أمام جملة من التحديات في كيف نضع حدا لهذا النمط من السلوك غير المبرر، علاوة على الصراع الطاحن على السلطة من دون أن تكون هناك رؤية واضحة لكيفية إدارة الدولة، أضف إلى ذلك خطاب الكراهية الذي أزكم الأنوف، ونتج عن ذلك ممارسة سياسية (منقوصة) لا تعبر عن التحول الديمقراطي بل ولا تمت له بصلة، شئنا أم أبينا هذه هي الصورة الماثلة.
* ليس من الكياسة في شيء، ولا من التعقل أن ندفن رؤوسنا في الرمال، دون أن نقدم مقترحات لإصلاح ما أفسده دهر الخلافات الحزبية، من واقع أن الشارع السوداني ومنذ تفجر ثورة ديسمبر المجيدة علق آماله على الأحزاب عسى أن تعمل على تعديل الصور المقلوبة.
* ما نتج عن هذه الممارسة كانت محصلته فقدان البوصلة السياسية، بجانب تضاؤل فرص الوصول إلى تفاهم حول إدارة الفترة الانتقالية، أسباب عديدة جعلت الحابل مختلطا بالنابل ؟ لم يكن مستغربا أن يحدث هذا الشرخ للأجسام الحزبية من واقع أن الظرف الذي تمر به البلاد والأحزاب نفسها لم يساعد هذه القوى لتمارس دورها بالصورة المطلوبة، ولا يمكن أن نقول إن ما جرى من ممارسة سياسية يعبر عن الديمقراطية.
* ما حدا بنا في صحافة الرأي أن نفتح هذه الصفحة، لنعمل بعض الجرح والتعديل، من منطلق الدور الوطني للصحافة في إرساء مبادئ الوحدة الوطنية والسلام وتماسك الجبهة الداخلية، وإعانة القوى السياسية على تقديم رؤية ناضجة تعبر عن الواقع، وتبعد عن البلد شبح الحروب الأهلية، وغيرها من الهواجس التي يتخوف منها الشعب.
* ليس مستغربا أن تحدث خلافات داخل الأحزاب والكيانات السياسية، وأن يرشح في وسائل التواصل الاجتماعي أن المنافسة غير الشريفة هي التي قادت إلى ذلك، بغض النظر عن ردود الأفعال وما ينتج عنها، فإن ذلك يؤكد أن المفارقة بين النظرية والتطبيق هي التي جعلت الشقة تصل لهذا الحد بداخل العديد من الأحزاب، من حق المقيد في أي حزب أن يتطلع للمناصب الرفيعة، فلا اللوائح تحول دون وصوله إلى هذا الهدف، ولا غيرها من الأساليب تحول دون ذلك، أما إن كان العضو غير ملتزم بالموجهات فهذه مسألة أخرى تحكمها اللوائح.
* بدلا من أن تساهم القوى السياسية في حل أزمة البلد المتفاقمة صدرت لها أزماتها، وهذا ما يجعلنا ننادي بضرورة رسم خارطة لتداول السلطة داخل المنظومات الحزبية، وتحديد مدى زمني معين ووفقا للنشاط الذي يؤديه العضو ليصل بعدها إلى ما يصبو إليه.
* الظرف الدقيق الذي يمر به السودان يتطلب تقديم تنازلات من الجميع، عدم المرونة في التعاطي مع الأزمة يجعل دائرتها تتسع، والخاسر الأول والأخير هو الشعب الذي فقد الثقة في الفاعلين في المشهد السياسي، لابد من انفتاح الأحزاب على الشعب، والالتفات إلى متطلباته وإدراجها في أجندتها عسى أن يمهد ذلك لعلاقة وطيدة بينها والشعب، وأختم حديثي بتوجيه رسالة للقوى الحزبية.. الخروج عن النص في بعض الأحيان لا يعني أننا قد وصلنا إلى طريق مسدود.